رمضان بداية رائعة ننتظرها في كل عام كفرصة لإعادة النظر وبرمجة كيفيّة تطوير أنفسنا على الصعيدين الجسدي والنفسي. الصيام كفريضة سنويّة أصبحت حديثاً، يعني منذ عامين أو أكثر، وصفة طبيّة في الشرق والغرب على حد سواء. الأطبّاء من كافّة المجالات اتّفقوا على فعاليّة الصيام بمختلف أنواعه بتنقية الجسم وتنظيف الخلايا من المواد السامة اللي تترسّب بها على مر الشهور / السنوات نظراً لعوامل الحياة من حولنا وطبعاً اللايف ستايل اللي للأسف غالباً ما يعتمد على المواد المصنّعة.
تخلصوا من السموم
يساعد الإنقطاع عن الأكل والشرب لفترات طويلة نسبياً خلال النهار، الخلايا على التركيز على تنظيف نفسها والتخلّص من السموم أو ما يعرف بالـ (toxins) العالقة داخلها وبالأخص داخل الخلايا الدهنيّة. لدى الخلايا الدهنيّة حفظ المواد اللي يستهلكها الإنسان بغض النظر عن كونها مفيدة أو مضرّة بالجسم نظراً لكونها مبرمجة على حفظ كل شيء لأوقات الضرورة القسوى (المجاعة مثلاً) هكذا هي بنيتها. ونظراً لكوننا بأغلبنا نستهلك وبكثرة المنتجات اللي على الرفوف والّتي أغلبها تحتوي على المواد المصنّعة والحافظة والغير طبيعيّة أو عضويّة، فهي بالتالي أيضاً جالسة هناك في خلايانا بالحفظ والصون.
الخلايا تنظّف نفسها بنفسها
خلال الأيّام العاديّة تنشغل أجسامنا وخلايانا بحرق وهضم كل ما نتناوله خلال النهار وبالعادة أنظمتنا الغذائيّة غير منظّمة من ناحيتي النوعيّة والأوقات اللي نتناول بها الطعام (والسناكس بين الوجبات طبعاً) يعني باختصار طاقة الخلايا وأجسامنا عادة ما تستنزف بمحاولة حرق السعرات الحراريّة والهضم ممّا لا يترك مجالًا لها للتنظيف والتجدد مثل ما هو مفروض.
هنا يأتي دور الصيام بإعطاء هذه الفرصة لأجسامنا لتنظيف الخلايا والفكر أيضاً (جزء سوف نصل إليه لاحقاً). بالعودة إلى أجسامنا خلال الصيام، يتيح الإنقطاع عن الطعام والشراب، لفترات محدّدة كل يوم، إعادة تنظيم الأنظمة الحيوّية، من تعديل لمستويات السكّر و الكوليسترول وضغط الدم بشكل تدريجي. هذا طبعاً لو قمنا باتّباع حمية صحيّة في رمضان وتفادينا الإسراف بتناول الأطعمة ما هب منها ودب خلال فترتي الإفطار والسحور.
الأكل الصحي بوجه السموم وأعراضها
الصيام وحده لا يكفي لإعادة ترتيب أمورنا الصحّية. يعني لو صمنا الفترة المطلوبة ومن بعدها افتتحنا أمسيتنا بإفطار دسم وأطباق لا تحصى ولا تعد، يروح تعب الصيام ومنفعته سُدى. السر هو تناول الأغذية اللي تشبع وتوفِر القيمة الغذائيّة والطاقة للجسد ممّا يساهم في إمداد الخلايا بالطاقة لتجدد وتنظِف نفسها من السموم / الدهون الغير مفيدة. طبعاً علينا بالتّذكير بأنّ الدهون والسموم المتراكمة في الخلايا وإن تكن هي خفيّة عن العين المجرّدة إلا أن تأثيراتها واضحة وغير محبّبة أبرزها:
- الإرهاق الدائم
- الخمول
- البشرة الباهتة / المليئة بالشوائب
- النعاس الدائم حتى وإن أخذتم قسطاً كافياً من الراحة
- عدم الإحساس بالدافع لإنجاز أي شي جديد
- صعوبة في إنقاص الوزن
- قلّة التركيز
- ضعف الذاكرة
نصائح بسيطة وسهلة لكل يوم
يكفينا نظريّات ونصائح وخلّينا بالتطبيق العملي والفعلي من خلال خطوات بسيطة وواضحة ممكن تطبيقها خلال شهر رمضان وعلى مدار العام:
- شرب الماء بشكل وفير وغير مسبوق حتّى وإن لم نشعر بالعطش، فالماء يساعدنا على الإحساس بالشبع ويكبت الشهيّة إضافة إلى أن الدم بجسم الإنسان هو السائل الأساسي اللي يحرّك الأوكسيجين والغذاء لكافّة أعضاء الجسم وخلاياه.
- النشويّات والحلويات والسكر زيادة نبتعد عنّها لا بل نقاطعها لو أمكن. لو الأمر صعب مقاومته، قضمة أفضل من عدمها (السر هنا هو التحكّم بالنفس وضبطها)
- تناول العصائر والكوكتيلات والسموثيز الطازجة من أبرز الخطوات باتّجاه تنظيف عميق للخلايا وديتوكس رائع كلّه ألوان ونكهات.
- الإمتناع عن تناول الأكل باستمرار طيلة فترة سهرنا أمام التلفاز / جلستنا مع العائلة. الأفضل تحديد وقت نتوقّف عنده عن تناول الطعام، من المحبّذ يكون قبل ساعتين من النوم كحد أدنى الأمر اللي يتيح لأجسامنا أن ننام بعمق ودون قلق لأن الجسم والعقل لن يكونا مشغولين بالهضم وتفكيك السكر والدهون من وجبات تناولناها مباشرة قبل النوم.
- تناول الفواكه والخضار والتمر وقت السحور والابتعاد عن المأكولات الدسمة الّتي تسبّب العطش والخمول خلال النهار
- الرياضة، نعم، الرياضة في شهر رمضان مفيدة على الصعيدين النفسي والجسدي. تساعد على رفع هرمونات السعادة أبرزها (الإندروفين والسيروتونين). الرياضة قبل 3 ساعات أو أقل من الإفطار يجب أن تكون لطيفة، خفيفة وتعتمد على حركات التمدد (الستريتشينج) كي لا تزيد من إحساسنا بالعطش. أمّا لمحبي رياضات الكارديو أو الأثقال فالوقت الأنسب لها هي بعد انقضاء ساعة أو أكثر على الإفطار.
لا تنسوا الديتوكس الذهني والروحي
هذه هي المقترحات باختصار طبعاً اللائحة تطول ولكن اختصرناها لكم كي لا تملّوا من القراءة. وختامها مسك مع التذكير بأنّ الديتوكس النفسي والفكري له الحيّز الأكبر من توجهاتنا خلال هذا الشهر الفضيل مع الكثير من الأدعية والصلوات والنوايا لخيّرة والأفعال الطيّبة الّتي تزيل الهموم عن القلب ومن التفكير وتضيف الإيجابيّة إلى كيفيّة رؤيتنا وتطلّعنا إلى المستقبل.
نلفت هنا إلى أنّ المعدة الفارغة والخلايا النظيفة مستعدة بطبيعتها أكثر لاستقبال الأفكار الإيجابيّة كونها نشيطة وغير مثقلة بالدهون والأعباء والسموم والتعب الّذي ينجم عن الأطعمة والعادات الغير صحيّة اللي تحيط بنا من كل الجهات. إذاً الشهر الفضيل باختصار فرصة رائعة لتنقية الذهن والقلب والجسد فالنستغلّها ونجعلها بداية جديدة لمستقبل أفضل لنا ولمحيطنا.